[Arabic] How can good intentions to solve a problem cause bigger ones?

هاتكلم النهاردة عن The Cobra Effect, Parkinson's Law وحاجات تانية:

في واحدة من الشركات اللي اشتغلت فيها، كانت فيه مشكلة كبيرة وهي إن معظم المشاريع اللي بنتفق اننا نسلمها في مواعيد محددة بتتأخر، وأسباب التأخير وقتها كانت متنوعة بين ضغط الشغل والوقت مش بيكفي، أو تغيير في الحاجات اللي تم الاتفاق عليها، أو إن الفريق بيشتكي انهم بيشتغلوا كتير ومفيش مكافأة على المجهود الإضافي ده .. الموضوع ماكانش لطيف ومعنويات الناس كانت مش أحسن حاجة وكان لازم يكون فيه قرارات تغيّر الوضع ده ..

وقتها حصل قرار انه هيبقى فيه مقابل مادّي على الشغل الإضافي أو الـovertime وبالتالي كل ما تشتغل أكتر كل ما المرتب اللي هتاخده آخر الشهر هيزيد وبضعف الرقم على الساعة الإضافية .. القرار ده اتبسط منه كل الناس والإدارة توقعت انه هيبقى الحل السحري اللي هيحسّن كل حاجة في وقت سريع .. بس لسوء الحظ، ده ماحصلش!

الكل كان بيسهر، متوسط الوقت اللي بيقعد فيه الناس في الشغل زاد من ٨-٩ ساعات لحوالي ١٢ ساعة وكمان بيروّحوا يكملوا شغل من البيت، حاجات كتير كانت بتخلص وبتتسلم بس بنفس المعدل اللي كان بيحصل قبل كده ومفيش تغيير في throughput التيم .. ويعني بعد شهرين من تنفيذ القرار ده كانت لسه الشركة بتتأخر في التسليمات ولكن بقت بتدفع فلوس أكتر فوق المرتبات الطبيعية والناس بقت مُرهقة أكتر بسبب ساعات الشغل الزيادة .. فشل كبير وقرار غير مدروس وطبعًا القرار اتلغى وده زوّد المشاكل علشان الناس اتضايقت ومعدل الشغل قل بكتير حتى عن المعدل الأول اللي ماكانش مُرضي من الأصل ..

ليه الكلام ده حصل؟ وقتها كنت أصغر من انه أفهم الأسباب أو أنتقد القرار أو ألاقي حلول أذكى للمشكلة الرئيسية، بس مع الوقت والشغل في أكتر من مكان بعدها ومع التعامل مع فرق مختلفة ومديرين ليها استراتيجيات تانية، لقيت علاقة بين اللي حصل وبين كذا قصة ونظرية قريتهم بعد كده ..

النظرية الأولى: Parkinson’s Law

قانون باركينسون من أشهر القوانين اللي بيتم الإشارة ليها في كل المجالات وبالذات في المجال بتاعنا وده بيحصل دايمًا في نقاشات تسليم المشاريع أو الوقت المطلوب للتنفيذ .. القانون باختصار بيقول انه الشغل اللي المفروض انه يتعمل بيتمدد (أو بيقل) بناءً على الوقت المتاح لتنفيذه وتسليمه، وبالتالي في أوقات كتير جدًا ممكن تلاقي نفس كمية الشغل بتتسلم في فترة زمنية مختلفة تمامًا من فرق شغالة على المطلوب بس مايعرفوش بعض .. هل نفس الشغل بكل التفاصيل؟ طبعًا لأ، فيه عوامل كتير زي كفاءة الفريق وخبراتهم وبيئة العمل بس الأهم برضه، ميعاد التسليم، علشان تفاصيل الشغل اللي هيتعمل وجودته أكيد هتتأثر علشان الناس عاوزه تخلّص بسرعة لو الوقت ضيق مثلاً ..

اللي حصل لما اتنفذ قرار الـovertime انه ماحصلش حاجة فعلية تتعلق بالمشاريع وطريقة تنفيذها وجودتها، بالعكس .. اللي حصل هو انه بدل ما كان مطلوب منك تسلّم الشغل خلال شهر بتشتغل فيه ٢٢ يوم كل يوم ٨ ساعات، بقيت هتسلّمه في ١٢ ساعة، وبالتالي وقت أكتر للتنفيذ والموضوع (هيمط) مع كل واحد يعني هيلاقي نفسه بيعدّل كتير أو بيرجع يغيّر في حتة ماكانتش معمولة بشكل كويس ومخه تلقائيًا بيعتمد على عامل الوقت الزيادة لأ وكمان على عامل الفلوس الإضافية اللي هتيجي وبالتالي ناخد وقتنا بقى ..

الحلول المنطقية لمشكلة تأخير التسليمات دي كانت لازم تشوف المشاكل الجذرية للموضوع مش تتحايل عليها بموضوع المكافأة ده لأنه مش بيعالج السبب، يعني كنا لازم نعرف هو التأخير ده أسبابه ايه؟ كنا هنلاقي أسباب كتير منها ان الفريق مش بيعرف يقيس ويتوقع مدة التسليم، أو ان الإدارة بتفرض جدول زمني غير منطقي أصلاً بس الفريق ومديره أضعف من انهم يعترضوا على ده، أو ان الناس مش بتاخد وقتها في فهم المطلوب وتأثير التغييرات دي على السيستم ككل، أو إن مفيش حاجات تقيس مدى فاعلية وإنتاجية الفريق والقرارات كلها بتتاخد عمياني لأن محدش هيعرف يحسّن حاجة من غير أرقام تقيس الحاجة دي شغالة ازاي ..

النظرية التانية: The Cobra Effect

من القصص المهمة اللي ممكن تكون سمعت عنها في مواضيع السياسة والإقتصاد هي قصة تأثير الكوبرا، اللي بتحكي عن المشاكل الأكبر اللي ممكن تحصل أو العواقب غير المحسوبة لو ماحصلش دراسة كافية للمشكلة الرئيسية .. القصة حصلت في الهند وتحديدًا في دلهي سنة ١٩١٩ لما كانت لسه المستعمرة البريطانية الأهم في العالم. وقتها كانت المشكلة هي انتشار والعدد الكبير لثعابين الكوبرا في المدينة واللي كان مصدر خوف للمستوطنين الانجليز، وكان لازم يكون فيه حل للمشكلة دي .. الحكومة قررت وقتها انها هتدفع مكافأة مقابل راس كل تعبان، وبسرعة جدًا بقت المدينة كلها صيادين تعابين وفي البداية الموضوع نجح وفعلاً العدد قل، بس بشكل مؤقت علشان اتخلق بيزنس في البلد وهو تربية التعابين وزيادة أعدادهم علشان يقدموها بعد كده للسلطات وياخدوا الفلوس .. الموضوع ده بقى بيحصل في البيوت وبقت الناس تقف طوابير مستنيه انها تقدمهم وتاخد المكافأة وعدد التعابين رجع يزيد تاني .. ده معناه ان محاولة حل المشكلة عمل مشكلتين جداد، الأولى ان العدد زاد والتانية انه البيزنس ده كلّف الحكومة مبالغ ضخمة ..

هل الموضوع يقف لحد كده؟ لأ .. حصل قرار تاني في محاولة لتصليح القرار الأول غير المحسوب، وهو ان موضوع المكافآت اتلغى والحكومة مش هتدفع لحد تاني .. وقتها البيزنس مابقاش له قيمة والهنود رموا كل التعابين اللي خلوها تتكاثر في الشارع وعددهم رجع تاني بس أضعاف اللي كانوا موجودين وقت بداية المشكلة، ووقتها فيه انجليز كتير اتلدغوا وبقت من البلاد اللي رافضين يروحوها أصلاً علشان الخطر ..

نستفيد ايه من التلات حاجات اللي مش مرتبطين ببعض؟

هاقولك .. اللي نقدر نستفيد منه من المشكلة اللي حصلت في الشغل عندي وبين قانون باركينسون وقصة تأثير الكوبرا في الهند، انه أكبر غلطة ممكن تحصل ان يكون فيه تسرّع في اتخاذ قرارات بالذات لو على مستوى إستراتيجي ومن غير دراسة كويسة أو من غير تحليل دقيق واستخدام الأرقام لو موجودة لقياس التأثير المحتمل سواء سلبي أو إيجابي .. قرارات كتير ممكن تلاقي الناس بتاخدها بس لمجرد انه متخيل انه ده هيبقى القرار الصح يمكن علشان سنين خبرته او معرفته بالناس او بالمجال أو احساسه، والمشكلة هنا انه الشخص بيبقى عنده the optimistic bias أو انه بيميل للتفاؤل وقت اتخاذ القرار وبيركز على ايه ممكن يحصل كويس بس بيتجاهل سؤال ايه اللي ممكن يحصل غلط؟ أوقات كتير ممكن يكون عدم إتخاذ قرار أحسن بكتير من قرار متسرع بالذات لو تأثيره هيبقى على مستوى واسع أو عدد كبير من الناس ..

أتمنى يكون الكلام مفيد وشكرًا انك وصلت لحد هنا - تفاصيل أكتر ممكن تلاقيها على تويتر هنا.